سكاي ميضار الطو
حتى وقت قريب، كانت ظاهرة عبور البحر سباحةً للوصول إلى الجيب الإسباني سبتة مقتصرة على الذكور فقط، لكن الأشهر الأخيرة شهدت تزايدًا ملحوظًا في محاولات الفتيات القاصرات عبور البحر بنفس الطريقة إلى الضفة الأخرى.
تتزايد في المغرب ظاهرة جديدة تتمثل في محاولات فتيات قاصرات عبور البحر سباحةً للوصول إلى الجيب الإسباني سبتة. ومن بين هؤلاء الفتيات، شيماء، شابة مغربية تبلغ من العمر 19 عامًا، والتي وثقت قصتها ونشرتها على منصة تيك توك، ما حقق لها مئات الآلاف من المشاهدات. في هذا السياق، أجرى فريق “مهاجر نيوز” مقابلة مع علي زويدي، متخصص في شؤون الهجرة ومستشار لدى منظمات دولية، مقيم في المغرب.
مهاجر نيوز: في الأسابيع الأخيرة، برز نمط جديد من محاولات الهجرة من المغرب نحو الجيب الإسباني سبتة. هل يمكنك إخبارنا المزيد عن ذلك؟
علي الزبيدي: نعم، منذ نهاية غشت، نلاحظ تزايدًا في الهجرة النسائية نحو سبتة. ارتفعت أعداد الفتيات المغربيات، خاصة القاصرات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 16 و17 عاما، اللاتي يغامرن بالعبور إلى الجيب الإسباني سباحةً، على غرار ما كان يقوم به الشباب من الذكور.
من جهتها، تطلق عائلاتهن مناشدات عبر وسائل التواصل الاجتماعي للبحث عن المفقودات في البحر أو اللواتي وصلن إلى إسبانيا. فقد أصبحت أحياء كاملة في منطقة الفنيدق [القريبة من الحدود مع سبتة]، وحتى في مناطق أخرى من المغرب، تفرغ من نسائها الشابات. وهذه الظاهرة تنطبق على مختلف أنحاء البلاد.
في الماضي، كنا نشاهد نساء يحاولن الوصول إلى أوروبا عبر تركيا ثم البلقان [حيث لا يحتاج المواطنون المغاربة إلى تأشيرة لدخول الأراضي التركية]، أو كن يدفعن للمهربين للقيام برحلات نحو سبتة على متن القوارب.
لكن اليوم، أصبحت العديد من الفتيات يقمن بالعبور بمفردهن أو مع صديقاتهن، دون الاستعانة بخدمات المهربين. ويعتمدن على منصات مثل فيسبوك أو واتساب لتنظيم الرحلات.
كما أن هذه الطريقة تعتبر أقل تكلفة بكثير. بينما تتراوح تكاليف الرحلة البرية نحو جيوب سبتة ومليلية، بين 2500 و12000 يورو، حيث يعبر المهاجرون مختبئين في الشاحنات، فإن العبور عن طريق السباحة تكلف بضع مئات من اليوروهات فقط، من أجل شراء عوامات، بدلة غوص وزعانف.
ورغم أن المسافة بين الأراضي المغربية والجيب الإسباني قصيرة نسبيًا، تظل الرحلة محفوفة بالكثير من المخاطر.
إحدى هذه الفتيات تدعى شيماء الغريني، وهي صانعة محتوى مغربية تبلغ من العمر 19 عامًا، وقد أصبحت حديث الساعة بفضل الفيديوهات التي تنشرها. حيث يتهمها البعض بأنها تحرض الشباب المغاربة على عبور البحر إلى الضفة الأخرى.
وصلت شيماء إلى سبتة في شهر غشت الماضي، وقامت بتوثيق رحلتها على تطبيق تيك توك، ثم حصدت فيديوهاتها مئات الآلاف من المشاهدات. ما أثار اهتمام الناس هو مظهرها، حيث تظهر بصحة جيدة وغير متعبة من الرحلة، في تناقض واضح مع الصور المعتادة التي تصلنا من البلقان، حيث يظهر المهاجرون منهكين وأحيانًا مصابين.
على عكس الصورة النمطية للمهاجرين غير الشرعيين، تولي شيماء اهتمامًا بمظهرها وأناقتها، ما يجعلها نموذجًا يُحتذى به لدى الكثير من الفتيات الشابات.
شيماء تقدم صورة مغرية لرحلة العبور، وينقل نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي قصتها بشكل واسع، رغم أنها لا تعكس الواقع الكامل. أما الفتيات اللواتي ما زلن في الأراضي المغربية، فيتطلعن إلى ما يعتبرنه “نجاحًا”، ويطرحن السؤال: “لماذا لا أكون مثلها؟”.
وفي سياق اجتماعي يفتقر إلى نماذج تُروج لقصص النجاح، تبدو شيماء ومثيلاتها من الفتيات قدوة تجذب الأنظار بلا شك.
*مهاجر نيوز