أجنا ميضار أفلا.
في هذا اليوم الحزين، ودّعت الساحة الفنية الفنان سليت (SULLIT)، الذي توفي متأثرًا بالحروق البالغة التي أصيب بها إثر جريمة إحراق بشعة هزّت الرأي العام وقلوب محبّيه. برحيله، تفقد الساحة الفنية روحًا مبدعة لم تعرف طريقها إلى الاستسلام يومًا، فكان من أولئك الذين يعيشون للفنّ، ويُؤمنون أن الجمال رسالةٌ لا تُطفئها النيران.
حتى هذه اللحظة، لم تتضح كل تفاصيل الحادثة، إلا أن المؤكد أنّ الحريق لم يكن عرضيًا، وأن الفنان نُقل إلى المستشفى في حالة حرجة جدًا قبل أن يفارق الحياة متأثرًا بجراحه. وقد بدأت السلطات التحقيق مع عدد من الأفراد الذين كانوا حاضرين في موقع الحادث، بينما لا تزال دوافع الجريمة غامضة — بين من يرجّح خلافًا شخصيًا، ومن يلمّح إلى خلفيات فنية أو فكرية.
سليت لم يكن مجرد فنان يرسم أو يغنّي أو يصوّر، بل كان حالة إبداعية حرّة، يجسّد في أعماله روح التمرّد على القبح والظلم، ويمنح للحياة نكهة الفنّ والصدق. لم يكن يسعى وراء الأضواء، بل وراء الأثر؛ لذلك ترك بصمته في قلوب من عرفوه، وفي ذاكرة كل من شاهد أعماله أو تأثّر بفنه.
رحيله بهذه الطريقة الوحشية صدمة موجعة، لا للفنانين فقط، بل لكل من يؤمن بأن الإبداع حقّ إنساني لا يُعاقب عليه. حادثته تفتح جرحًا عميقًا في الضمير الجمعي، وتطرح سؤالًا مؤلمًا: كيف يُمكن أن يُستهدف فنان لأنّه عبّر؟
كيف يُحرق الجمال في وضح النهار؟
من هنا، لا بدّ من المطالبة بتحقيقٍ شفاف وعادل يُكشف فيه الجانب أو الجناة ويُقدَّموا للعدالة دون تهاون، فدم الفنان ليس رقمًا يُضاف إلى أرشيف القضايا المجهولة. كما ينبغي أن تتحرك الجهات الثقافية والقانونية لتأمين الحماية للمبدعين، وخلق بيئة آمنة تحترم حرية التعبير وتحمي من يضيئون طريق الفنّ في وجه العنف والظلام.
أما عن إرثه الفني، فيجب أن يُخلَّد كما يليق به: عبر معارض لأعماله، ومبادرات فنية تحمل اسمه لدعم المواهب الشابة، حتى يبقى نوره حاضرًا في كل جيل.
رحل سليت جسدًا، لكن فنه باقٍ، وصوته لا يزال يصرخ من بين الرماد: إنّ الجمال أقوى من الحقد، وإنّ الفن لا يُحرق.
سلامٌ لروحك يا سليت، فقد غادرت مبكرًا، لكنك تركت لنا درسًا خالدًا: أن الإبداع لا يموت، حتى وإن أحرقت النار الجسد، فالفنّ خالدٌ، والذاكرة ل
ا تنطفئ.