أجنا ميضار ألطو
شهدت أقاليم الناظور والحسيمة والدريوش خلال الساعات الأخيرة تساقطات مطرية غزيرة، تحوّلت بسرعة إلى فيضانات مفاجئة ألحقت أضراراً مادية جسيمة، خاصة بمدينة العروي التي كانت الأكثر تضرراً.
غير أن ما كشفته هذه الأمطار لا يقتصر على حجم التساقطات، بل على هشاشة البنية التحتية وغياب أنظمة المراقبة والإنذار المبكر، التي كان يمكن أن تقلل من حجم الكارثة.
في العروي، غمرت المياه عدداً من الأحياء والمنازل، خصوصاً في المناطق المنخفضة التي ظلت دون تجهيزات فعّالة لتصريف مياه الأمطار. وأظهرت مقاطع وشهادات محلية أن البنية التحتية المتهالكة عجزت عن استيعاب كميات المياه، ما أدى إلى شلّ الحركة تماماً في الطرق الرابطة بين العروي وسلوان وتاويمة، وجرف عدد من السيارات، وسط غياب شبه تام لأي خطة استباقية أو مراقبة مسبقة للبؤر السوداء المعروفة بتكرار الفيضانات فيها.
ورغم التدخلات اللاحقة للسلطات المحلية ومصالح الوقاية المدنية، فإن طبيعة التدخلات كانت إنقاذية أكثر منها وقائية، في مشهد يتكرر كل موسم مطري، دون معالجة جذرية لمشكلة ضعف شبكات الصرف الصحي وسوء تدبير المجال الحضري.
أما في أقاليم الحسيمة والدريوش، فقد كانت التساقطات أقل حدة لكنها كشفت بدورها عن نفس الخلل البنيوي: تصريف بطيء للمياه، تسربات داخل بعض المنازل، وغياب رقابة حقيقية على مدى جاهزية البنى التحتية لمواجهة الأمطار الغزيرة.
هذه الأحداث تعيد إلى الواجهة أسئلة ملحّة حول مسؤولية الجماعات المحلية والجهات الوصية في تتبع وضعية القنوات والتجهيزات المائية، ومدى احترامها لمعايير التهيئة الحديثة، خصوصاً في المناطق المنخفضة المعروفة بمخاطرها. كما تؤكد الحاجة العاجلة إلى إطلاق نظام مراقبة وإنذار مبكر فعلي، وتفعيل لجان يقظة دائمة بدل الاقتصار على ردّ الفعل بعد وقوع الضرر.
ورغم أن الفيضانات لم تخلف خسائر بشرية، فإن الأضرار المادية والشلل الذي أصاب الحركة بالمدينة يكشف خللاً هيكلياً في البنية التحتية وغياب رؤية استباقية في تدبير المخاطر الطبيعية، في وقت باتت فيه الظواهر المناخية المفاجئة أكثر تكراراً وشدة بفعل التغيرات المناخية.
