أجنا ميضار ألطو
شهدت مدينة الدار البيضاء، خاصة في مقاطعة الحي الحسني أحياء سيدي الخدير والألفة، انتشاراً ملحوظاً لكنائس عشوائية غير مرخصة خلال الأشهر الأخيرة، حيث يقوم مهاجرون من دول جنوب الصحراء باستغلال شقق سكنية وأقبية في عمارات سكنية لإقامة طقوس دينية مسيحية. وقد أثار هذا الانتشار جدلاً واسعاً بين السكان المحليين، الذين عبروا عن استيائهم من تحويل هذه الشقق إلى أماكن عبادة دون تراخيص قانونية، مما تسبب في إزعاج بسبب الضوضاء الناتجة عن التراتيل والمواعظ الدينية، خاصة أيام الأحد وعطل نهاية الأسبوع، ما أثّر على السكينة العامة وزاد من الازدحام في الأحياء السكنية .
تفاعلت وزارة الداخلية مع هذه الظاهرة عبر إجراءات متعددة، حيث أكد وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت في رد كتابي على النائب البرلماني عبد الصمد حيكر (من حزب العدالة والتنمية) أن السلطات المحلية اتخذت إجراءات تهدف إلى التوفيق بين حماية حرية المعتقد و مواجهة أخطار انتشار أماكن العبادة غير المرخصة على النظام العام. وشملت هذه الإجراءات:
1. تشكيل لجان محلية مشتركة لإجراء زيارات ميدانية للمحلات المستغلة بشكل غير قانوني، وحث المستغلين على الالتزام بالقوانين الجاري بها العمل .
2. التواصل مع مالكي الشقق والمكتريين، لتذكيرهم بعدم قانونية استخدام هذه الفضاءات السكنية لممارسة الشعائر الدينية، ومطالبتهم باحترام بنود عقود الكراء. وقد أسفر ذلك عن تسوية وضعية عدد من المحلات التي كانت تُستغل ككنائس عشوائية .
3. تحسيس المهاجرين المعتنقين للمسيحية بمخاطر ممارسة طقوسهم في أماكن غير مؤهلة، مثل عدم توفر شروط السلامة الوقائية، وتهديدها للأمن الروحي للمواطنين .
من جهة أخرى، أثارت الظاهرة ردود فعل متباينة:
فالسكان المحليون طالبوا بتدخل عاجل لوضع حد لهذه الممارسات، مشيرين إلى أن تحويل الشقق إلى كنائس ينتهك القوانين المغربية المنظمة لممارسة الشعائر الدينية، ويهدد الأمن المجتمعي. كما عبّروا عن مخاوفهم من تحول هذه التجمعات إلى دولة داخل الدولة بمرور الوقت .
فيما دعت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان إلى حل متوازن، حيث أكد رئيس فرع الدار البيضاء محمد أبو النصر أنهم مع حرية المعتقد ، لكنهم يشترطون ممارسة الشعائر في أماكن مجهزة تحترم شروط السلامة وعدم إثارة الفوضى. وطالب السلطات بتوفير فضاءات رسمية مرخصة لمثل هذه الأنشطة بدلاً من حظرها .
في حين تباينت تعليقات المواطنين على وسائل التواصل بين رافضٍ للظاهرة بدعوى حماية الهوية الإسلامية للمغرب ومخاوف من اختراق أمني أو أجندات خارجية، وبين مؤيدٍ لحق المهاجرين في العبادة، مقارنةً بحقوق المسلمين في بناء المساجد بأوروبا .
يُذكر أن هذه الظاهرة ليست جديدة، لكنها تصاعدت مع تزايد أعداد المهاجرين الأفارقة غير الشرعيين في المغرب، حيث يلجأون إلى الشقق السكنية بسبب صعوبة الحصول على تراخيص لبناء كنائس رسمية. وتواجه السلطات تحدياً في تطبيق القوانين دون المساس بحرية المعتقد، خاصة في ظل غياب إطار قانوني واضح ينظم بناء دور العبادة لغير المسلمين .
و تُظهر أزمة الكنائس العشوائية تعقيداً في الموازنة بين ضمان حقوق الأقليات الدينية واحترام النظام العام والقوانين المحلية. ورغم الإجراءات الحكومية التي ساهمت في تقليل عدد هذه الأماكن، تبقى الحلول الهيكلية، مثل تخصيص فضاءات مرخصة، ضرورية لتفادي تصاعد التوترات المجتمعية.