بطاقة الهوية الرقمية في بريطانيا.. بين معركة مكافحة الهجرة ومخاوف انتهاك الحريات

NB_admin30 سبتمبر 2025Last Update :
بطاقة الهوية الرقمية في بريطانيا.. بين معركة مكافحة الهجرة ومخاوف انتهاك الحريات

skymidaralto.com

أشعل إعلان رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في 26 سبتمبر 2025 حول إطلاق بطاقة هوية رقمية إلزامية بحلول عام 2029 جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والشعبية، ليعيد إلى الواجهة نقاشاً قديماً يعود إلى محاولة حكومة توني بلير قبل عقدين، والتي أُجهِضت تحت وطأة الرفض العام.

تسعى الحكومة من خلال النظام الجديد إلى جعل البطاقة الرقمية شرطاً أساسياً للتوظيف، على أن تُدمج لاحقاً في منظومة الخدمات العامة، مثل الرعاية الاجتماعية والسجلات الضريبية. وتؤكد الحكومة أن الخطوة ستُصعّب على المهاجرين غير النظاميين الحصول على وظائف في الاقتصاد غير الرسمي، ما يجعلها أداة فعّالة في مكافحة الهجرة غير القانونية.

غير أن منظمات حقوقية مثل “مراقبة الأخ الأكبر” اعتبرت الخطة تهديداً مباشراً للخصوصية، محذّرة من مخاطر تسريب البيانات الشخصية أو سوء استخدامها من قبل الحكومة.

رفض شعبي متصاعد

الاعتراض الجماهيري على الخطة جاء سريعاً وصاخباً، إذ قفز عدد التوقيعات على عريضة بعنوان «لا لإدخال بطاقات الهُوية الرقمية» من 288 ألفاً إلى أكثر من مليون توقيع في أقل من 24 ساعة عقب الإعلان الرسمي. وعبّر القائمون على العريضة عن رفضهم القاطع لأي نظام وطني للهُوية، مؤكدين أن إلغاء بطاقات الهوية في عام 2010 كان “لأسباب وجيهة يجب ألا تُنسى”.

معارضة سياسية وأقاليم غاضبة

لم تقتصر الاعتراضات على الشارع، بل طالت أوساطاً سياسية من مختلف الاتجاهات، حتى داخل حزب العمال الحاكم نفسه؛ فشخصيات يسارية بارزة مثل إيان بيرن وريتشارد بورغون عبّرت عن رفضها للمشروع، بينما وصف الزعيم السابق للحزب جيريمي كوربين الخطة بأنها “إهانة صريحة للحريات المدنية”.

وفي الأقاليم البريطانية، كان الرفض أكثر حدة. ففي أيرلندا الشمالية، اعتبرت الوزيرة الأولى ميشيل أونيل الخطة “سخيفة وغير مدروسة”، محذّرة من تأثيرها على اتفاقية السلام لعام 1998. أما الحكومة الإسكتلندية فأعلنت رفضها لأي بطاقة يكون حملها أو إبرازها إلزامياً، سواء كانت رقمية أو مادية.

 

خلفية مرتبطة بأزمة الهجرة

تأتي هذه الخطة في ظل ضغوط متزايدة على حكومة حزب العمال بسبب تفاقم الهجرة غير النظامية. فقد سجّلت وزارة الداخلية البريطانية دخول نحو 49 ألف شخص بطريقة غير قانونية خلال عام واحد حتى يونيو/حزيران 2025، بينهم 43 ألفاً عبر القوارب الصغيرة من فرنسا، بزيادة بلغت 38% عن العام السابق. ورغم الاتفاقيات الثنائية مع باريس، تستمر عمليات العبور بوتيرة قياسية.

معركة هوية أم معركة حرية؟

بين من يعتبر الهوية الرقمية ضرورة أمنية لمواجهة الهجرة غير النظامية، ومن يراها خطوة استبدادية تهدد الخصوصية الفردية، تبدو بريطانيا مقبلة على واحدة من أعقد معاركها التشريعية في العقود الأخيرة. ومع تصاعد الرفض الشعبي والسياسي، يبقى السؤال مفتوحاً: هل تنجح الحكومة في فرض أول بطاقة هوية وطنية منذ الحرب العالمية الثانية، أم سيقف الشارع البريطاني مرة أخرى سداً منيعاً في وجهها؟

Loading

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

Breaking News
Translate »