أجنا ميضار أفلا.
يشهد المغرب منذ أيام موجة احتجاجات واسعة قادها شباب جيل Z، تعبيرًا عن غضبهم من الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وسط شعور متزايد بفشل الحكومة في تلبية مطالبهم الأساسية. ما بدأ كمظاهرات سلمية سرعان ما تحول في بعض المدن إلى مواجهات عنيفة مع القوة العمومية، رافقها رشق بالحجارة وأعمال تخريب وإضرام نيران في ممتلكات عامة وخاصة، وهو ما دفع الأوضاع إلى منعطف خطير يثير قلقًا متزايدًا لدى الرأي العام.
جيل Z، الذي نشأ في عالم رقمي مفتوح وسريع الإيقاع، يعبر عن رفضه لانسداد الأفق وغياب سياسات حكومية قادرة على مواكبة طموحاته. الشعارات المرفوعة تمحورت أساسًا حول البطالة وارتفاع الأسعار وتهميش الفئات الضعيفة، بينما لعبت وسائل التواصل الاجتماعي دورًا مركزيًا في تأجيج الغضب وتنظيم الاحتجاجات ونقل صورها بشكل لحظي إلى مختلف أنحاء البلاد.
الآراء داخل الشارع المغربي متباينة؛ فجزء من المواطنين يعتبر خروج الشباب أمرًا طبيعيًا وشرعيًا بعد فقدان الثقة في الوعود الرسمية، ويرون أن الاحتجاج هو الصوت الوحيد القادر على الضغط من أجل التغيير. في المقابل، يعبّر آخرون عن خشيتهم من أن يتحول الحراك إلى فوضى، خصوصًا مع تصاعد أعمال التخريب التي تسيء إلى المطالب العادلة وتفتح الباب أمام تدخلات أمنية أكثر حدة. وهناك فئة ثالثة تلوم الحكومة مباشرة، معتبرة أن تجاهلها لمشاكل التشغيل وغلاء المعيشة، والاكتفاء بقرارات جزئية لا تمس حياة الناس اليومية، هو ما أوصل الوضع إلى هذه النقطة.
التداعيات المحتملة لهذه الاحتجاجات متعددة؛ فهي تهدد الاستقرار الأمني مع اتساع رقعة المواجهات، وتثقل كاهل الاقتصاد المحلي بالخسائر الناتجة عن التخريب، وتضع النظام السياسي أمام تحدي مصداقية المؤسسات وقدرتها على إدارة الأزمات. ما يبدو واضحًا أن الاحتجاجات لم تعد مجرد رد فعل عابر، بل صارت رسالة قوية من جيل كامل يطالب بالاعتراف به كشريك في صياغة المستقبل. غير أن استمرار التعامل مع هذه الموجة بمنطق أمني صرف قد يزيد من حدة الاحتقان، في وقت ينتظر فيه الشارع المغربي مبادرات فعلية وجريئة تعيد الثقة وتفتح أفقًا جديدًا للشباب.
