فرنسا تنهي التعامل بمعاهدة 1968 مع الجزائر من جانب واحد.

Admin Sa.El30 أكتوبر 2025Last Update :
فرنسا تنهي التعامل بمعاهدة 1968 مع الجزائر من جانب واحد.

Skymidaralto.com

البرلمان الفرنسي ينهي العمل بمعاهدة 1968 الموقعة بين فرنسا والجزائر،  خطوة اعتبرها كثيرون نقطة تحول في العلاقات الثنائية بين البلدين، لما تحمله من رمزية سياسية وتاريخية كبيرة. وُقّعت هذه الاتفاقية في 27 ديسمبر 1968، بعد ست سنوات فقط من استقلال الجزائر، وجاءت لتنظيم حركة وإقامة وتشغيل العمال الجزائريين في فرنسا، في وقت كانت فيه باريس بحاجة ماسة إلى اليد العاملة لإعادة بناء اقتصادها بعد الحرب. نصّت المعاهدة على منح الجزائريين امتيازات خاصة مقارنة ببقية الأجانب، مثل تسهيلات في الدخول والإقامة، والحصول على تصاريح عمل طويلة الأمد، ولمّ شمل العائلات دون قيود صارمة، وهو ما جعل الجالية الجزائرية تتمتع بوضع قانوني مميز في فرنسا لعقود طويلة.

على مدى أكثر من نصف قرن، شكّلت هذه الاتفاقية أساساً لحضور الجزائريين في فرنسا، حيث تجاوز عددهم اليوم ملايين الأشخاص بين مقيمين ومجنسين. غير أنّ التحولات السياسية والاجتماعية في فرنسا، خصوصاً في ظل تصاعد الخطاب اليميني، أعادت فتح ملف المعاهدة التي باتت تُعتبر غير منصفة في نظر الكثير من السياسيين الفرنسيين. فبحسب تقارير برلمانية فرنسية حديثة، فإن استمرار العمل بالاتفاقية يتنافى مع مبدأ المساواة بين جميع الجنسيات الأجنبية، ويضع على عاتق فرنسا عبئاً مالياً وإدارياً كبيراً، كما أنه يعقّد سياسات الهجرة والترحيل، خاصة في ظل توتر العلاقات بين باريس والجزائر في السنوات الأخيرة.

من الجانب الجزائري، جاء الرد حاداً وواضحاً، إذ اعتبرت الحكومة الجزائرية أن إنهاء الاتفاق بشكل أحادي يُعدّ خرقاً للقانون الدولي و ابتزازاً سياسياً ، مؤكدة أن المعاهدة كانت ثمرة تفاهم متبادل، وأن المساس بها سيؤثر سلباً على العلاقات الثنائية وعلى مصير ملايين الجزائريين المقيمين في فرنسا. ورغم هذا الرفض، فإن القرار الفرنسي جاء في سياق داخلي متوتر، مدفوعاً برغبة سياسية في استعادة السيطرة على ملف الهجرة، وبخطاب انتخابي يستثمر في موضوع الهوية والسيادة الوطنية.

من  المكاسب، كان الجزائريون المقيمون في فرنسا المستفيد الأكبر من الاتفاقية؛ فقد ضمنت لهم معاملة تفضيلية في مجالات الإقامة والعمل والحقوق الاجتماعية، ما منحهم استقراراً قانونياً لم يكن متاحاً لبقية الجاليات. في المقابل، استفادت فرنسا في بدايات الاتفاق من تدفق العمالة الجزائرية التي ساهمت في بناء صناعاتها واقتصادها، لكن مع تغيّر السياق الاقتصادي والسياسي، بدأ يُنظر إلى المعاهدة كعبء يحدّ من حرية الدولة في ضبط سياساتها تجاه الهجرة.

إن إنهاء البرلمان الفرنسي لهذه المعاهدة لا يُعتبر مجرد إجراء إداري، بل خطوة سياسية تحمل أبعاداً رمزية تتجاوز المسألة القانونية، إذ تلامس جذور العلاقة التاريخية المعقدة بين فرنسا ومستعمرتها السابقة. ومن المرجّح أن تعيد هذه الخطوة رسم ملامح جديدة للعلاقات بين البلدين، بين فرنسا الساعية لتحديث سياستها تجاه الهجرة، والجزائر التي ترى في القرار مساساً بكرامتها وسيادتها. ومع ذلك، يبقى من المؤكد أن إنهاء اتفاقية 1968 يفتح مرحلة جديدة في العلاقات الفرنسية-الجزائرية، تُعيد النقاش حول العدالة التاريخية، وحقوق المهاجرين، ومفهوم الشراكة المتكافئة بين ضفّتي المتوسط.

Loading

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

Breaking News
Translate »