في إطار ما شهدت عدد من المدن المغربية نهاية شهر شتنبر المنصرم من الوقفات الاحتجاجية الغير المصرح بها و التي قادها أساسا شباب من جيل Z ، في تعبير واضح عن تزايد منسوب الغضب الاجتماعي والرغبة في إيصال الصوت خارج الأطر التقليدية. فقد كشفت رئاسة النيابة العامة، في معطياتها الرسمية، عن الأرقام التفصيلية المرتبطة بتدبير أحداث العنف والتخريب التي صاحبت بعض هذه الوقفات، مشيرة إلى أن السلطات تعاملت مع الوضع وفق مقاربة قانونية تراعي في الوقت نفسه حفظ النظام العام وضمان الحقوق الفردية للموقوفين. ووفق ما ورد في التقرير، بلغ عدد الأشخاص الذين تم توقيفهم العشرات من الشباب، بينهم قاصرون، حيث تمت إحالة عدد منهم على النيابات العامة المختصة بتهم تتعلق بالتجمهر غير المرخص، وإلحاق خسائر مادية بممتلكات عمومية وخاصة، ومقاومة السلطات، في حين تم إطلاق سراح آخرين لعدم ثبوت تورطهم المباشر في أعمال العنف. وأكدت النيابة العامة في بلاغها أنها احترمت كافة الضمانات القانونية أثناء البحث والمتابعة، بما في ذلك تمكين الموقوفين من التواصل مع ذويهم وحضور محاميهم أثناء التحقيق. كما شددت المؤسسة على أن المتابعات لا تستهدف المساس بحرية التعبير أو الحق في الاحتجاج السلمي، وإنما تتعلق حصريًا بالأفعال التي انطوت على عنف أو تخريب موثق. وتُبرز هذه الأحداث تحولًا نوعيًا في طبيعة الحركات الاحتجاجية بالمغرب، إذ إن جيل زد يوظف الوسائط الرقمية بشكل مكثف لتنظيم وتعبئة التحركات في وقت قياسي، بعيدًا عن القنوات السياسية أو النقابية التقليدية. ويُظهر هذا المشهد أن الشباب المغربي بات يبحث عن فضاءات جديدة للتعبير عن مطالبه ورفضه للتهميش، في حين يجد صناع القرار أنفسهم أمام تحدٍ جديد يفرض مراجعة طرق التواصل مع هذه الفئة. ويخلص تقرير النيابة العامة إلى أن التعامل مع احتجاجات جيل زد يقتضي مقاربة شمولية تجمع بين الإنصات والحوار والتنمية من جهة، والتطبيق الصارم للقانون ضد مظاهر العنف من جهة أخرى، بما يضمن تحقيق التوازن بين الأمن وحرية التعبير، ويؤسس لعلاقة جديدة بين الدولة وجيل المستقبل الذي يطالب بأن يُسمع صوته بوضوح وعدالة.
